المعنى: أن تذكر نِعم اللهِ عليك فإذا هي تغْمُرُك منْ فوقِك
ومن تحتِ قدميْك
[ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا ]
صِحَّةٌ في بدنٍ ، أمنٌ في وطن ، غذاءٌ وكساءٌ ، وهواءٌ وماءٌ ،
لديك الدنيا وأنت ما تشعرُ ، تملكُ الحياةً وأنت لا تعلمُ
[ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ]
عندك عينان ، و لسانٌ و شفتانِ ، ويدانِ ورجلانِ
[فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ]
هلْ هي مسألةٌ سهلةٌ أنْ تمشي على قدميْك ،
وقد بُتِرتْ أقدامٌ ؟! وأنْ تعتمِد على ساقيْك ، وقد قُطِعتْ سوقٌ ؟!
أحقيقٌ أن تنام ملء عينيك وقدْ أطار الألمُ نوم الكثيرِ ؟!
وأنْ تملأ معدتك من الطعامِ الشهيِّ وأن تكرع من الماءِ الباردِ
وهناك من عُكِّر عليه الطعامُ ،
ونُغِّص عليه الشَّرابُ بأمراضٍ وأسْقامٍ ؟!
تفكَّر في سمْعِك وقدْ عُوفيت من الصَّمم ،
وتأملْ في نظرِك وقدْ سلمت من العمى ،
وانظر إلى جِلْدِك وقد نجوْت من البرصِ
والجُذامِ ، والمحْ عقلك
وقدْ أنعم عليك بحضورهِ
ولم تُفجعْ بالجنونِ والذهولِ
أتريدُ في بصرِك وحدهُ كجبلِ أُحُدٍ ذهباً ؟!
أتحبُّ بيع سمعِك وزن ثهلان فضةَّ ؟!
هل تشتري قصور الزهراءِ بلسانِك فتكون أبكم ؟!
هلْ تقايضُ بيديك مقابل عقودِ اللؤلؤ والياقوتِ لتكون أقطع ؟!
إنك في نِعمٍ عميمةٍ وأفضالٍ جسيمةٍ ، ولكنك لا تدريْ ،
تعيشُ مهموماً مغموماً حزيناً كئيباً ،
وعندك الخبزُ الدافئُ ، والماءُ الباردُ ، والنومُ الهانئُ ،
والعافيةُ الوارفةُ ، تتفكرُ في المفقودِ ولا تشكرُ الموجود ،
تنزعجُ من خسارةٍ ماليَّةٍ وعندك مفتاحُ السعادة ،
وقناطيرُ مقنطرةٌ من الخيرِ والمواهبِ والنعمِ والأشياءِ ،
لم يرزقه الله بالصيد عدة أيام حتى بدأ الزاد ينفد من البيت
وكان صابرا محتسبا
وبدأ الجوع يسري في الأبناء، والصياد كل يوم يخرج للبحر
إلا أنه لا يرجع بشيء. وظل على هذا الحال عدة أيام.
وذات يوم، يأس من كثرة المحاولات، فقرر أن يرمي الشبكة
لآخر مرة وإن لم يظهر بها شيء سيعود للمنزل
ويكرر المحاولة في اليوم التالي فدعى الله ورمى الشبكة، وعندما بدأ
بسحبها، أحس بثقلها فاستبشر وفرح
وعندما أخرجها وجد بها سمكة كبيرة جدا لم ير مثلها في حياته.
ضاقت ولما استحكمت حلقاتها * * * فرجت وكنت أضنها لا تفرج
فأمسكها بيده، وظل يسبح في الخيال .... ماذا سيفعل بهذه السمكة الكبيرة ؟ فأخذ يحدث نفسه
سأطعم أبنائي من هذه السمكة ... سأحتفظ بجزء منها للوجبات الأخر .... سأتصدق بجزء منها على الجيران
سأبيع الجزء الباقي منها ... سأأأأأأأ ...
وقطع عليه أحلامه صوت جنود الملك ....
يطلبون منه إعطائهم السمكة لأن الملك أعجب بها.
فلقد قدر الله أن يمر الملك مع موكبه في هذه اللحظة
بجانب الصياد ويرى السمكة ويعجب بها .. فأمر جنوده بإحضارها.
رفض الصياد إعطائهم السمكة، فهي رزقه وطعام أبنائه
وطلب منهم دفع ثمنها أولا، إلا أنهم أخذوها منه بالقوة.
وفي القصر … طلب الحاكم من الطباخ
أن يجهز السمكة الكبيرة ليتناولها على العشاء.
وبعد أيام … أصاب الملك (داء ) في إصبع قدمه فاستدعى
الأطباء فكشفوا عليه وأخبروه بأن عليهم قطع إصبع رجله
حتى لا ينتقل المرض لساقه فرفض الملك بشدة
وأمر بالبحث عن دواء له. وبعد مدة، أمر بإحضار
الأطباء من خارج مدينته
وعندما كشف الأطباء عليه .. أخبروه بوجوب بتر قدمه .. لأن المرض انتقل إليها، ولكنه أيضا عارض بشدة
بعد وقت ليس بالطويل، كشف الأطباء عليه مرة ثالثة
فرأوا أن المرض قد وصل لركبته فألحوا على الملك ليوافق
على قطع ساقه لكي لا ينتشر المرض أكثر… فوافق الملك ….
وفعلا قطعت ساقه.
في هذه الإثناء، حدثت اضطرابات في البلاد، وبدأ الناس يتذمرون.
فاستغرب الملك من هذه الأحداث..
أولها المرض وثانيها الاضطرابات.. فاستدعى أحد حكماء المدينة،
وسأله عن رأيه فيما يحدث معه
فأجابه الحكيم: لابد أنك قد ظلمت أحدا؟
فأجاب الملك باستغراب: لكني لا أذكر أنني ظلمت أحدا من رعيتي.
فقال الحكيم: تذكر جيدا، فلابد أن هذا نتيجة ظلمك لأحد.
فتذكر الملك السمكة الكبيرة والصياد.. وأمر الجنود
بالبحث عن هذا الصياد وإحضاره على الفور
فتوجه الجنود للشاطئ، فوجدوا الصياد هناك، فأحضروه للملك
فخاطب الملك الصياد قائلا: أصدقني القول، ماذا فعلت عندما أخذت منك السمكة الكبيرة؟
فتكلم الصيادة بخوف: لم أفعل شيئا.
فقال الملك: تكلم ولك الأمان.
فاطمأن قلب الصياد قليلا وقال: توجهت إلى الله بالدعاء قائلا:
(( اللهم لقد أراني قوته علي، فأرني قوتك عليه )).
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا * * * فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عينك والمظلوم منتبه * * * يدعو عليك وعين الله لم تنم