1) تفسير قوله تعالى: (خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي...)
يخبرنا ربنا سبحانه تبارك وتعالى هنا عن خلق الإنسان، وكيف أنه خلق ضعيفاً، وفيه التهور والعجلة والاندفاع والطيش.
قال تعالى: خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ [الأنبياء:37]، أي: في تركيبه وخلقه، ففيه تهور واندفاع وعجلة إلى الشيء.
وعندما أمرنا الله سبحانه أن نكون حلماء، وأن يكون عندنا صبر، كان لابد أن يجعل في النفس ما يدافع ذلك
فلو أن طبيعة الإنسان الحلم لما أمره الله عز وجل بالحلم،
ولو أن طبيعة الإنسان لا توجد فيها شهوة لما نهاه الله عز وجل عن الزنى.
فطبيعة الإنسان ركبت فيه الشهوة الغضبية فتجده يندفع، وركبت فيها الشهوة الجنسية فيحب أن يتزوج أو أن يقع في الحرام، والله عز وجل يريد تهذيب شهوات الإنسان، فأمره إذا غضب أن يكون غضبه لله سبحانه وتعالى، وإذا سارع واستعجل أن تكون مسارعته في الخير وليس في الشر.
وأما التهور والاندفاع إلى الحرام فقد هذبها الله في الإنسان وقال له: أنت مخلوق من عجل، أي: فيك عجلة وتهور واندفاع وطيش، فهذبها بالتعلم وبالتحلم.
والإنسان لن يكون حليماً بين يوم وليلة، ولكن بالتأني شيئاً فشيئاً، وبفضل الله عز وجل عليه يصبح صبوراً حليماً.
2)بيان فضل التأني والحلم :
فربنا يخبرنا عن خلق الإنسان أنه خلق عجولاً.
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التأني من الله، والعجلة من الشيطان).
فإذا كان العبد متأنياً فهذه هبة من الله عز وجل، والعجلة من الشيطان ومن وسوسته، فإنه يظل وراء الإنسان إلى أن يجعله متهوراً ومتعجلاً، فيندفع في القول الذي لا يريد أن يقوله ويقع في الحرام.
وفي الحديث: (وإن العبد ليتكلم بالكلمة من غضب الله لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً).
وقد يندفع الإنسان في الكلام فيقع في الكفر والعياذ بالله، وقد يندفع فيطلق امرأته مع اندفاعه، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالحلم
وقال: خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ [الأنبياء:37].
فتصبر.
وهذه الآية يرد فيها الله سبحانه وتعالى على الكفار الذين كانوا يتعجلون العذاب،
ويقولون: رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا [ص:16]،
ويقولون: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [الأنفال:32].
فجهلهم وطيشهم دفعهم لتعجل الانتقام، وتعجل العذاب من عند الله.