من نزف قلمي المتواضع :
[align=justify]كبار السن من الرجال والنساء خاصة الآباء والأمهات يحتاجون إلى عناية ورعاية وتغذية سليمة، ورعاية واهتمام، وإحسان بعد أن كبروا وأصبحوا أكثر حاجة من ذي قبل لمن يخدمهم ويهتم بشؤونهم من ذويهم وخاصة أبنائهم، وهو رد للجميل الذي قدموه لهم في الحياة منذ ولادتهم حتى أصبحوا كباراً وهو وقت الحصاد الذي ينتظره هؤلاء من أبنائهم، خاصة أن ذلك باب من أبواب الجنة، ووجودهما في الحياة نعمة عظمية لا تقدر بثمن لمن عرف حقهما، وفي بلادنا ولله الحمد اهتمام كبير من الأبناء بآبائهم وأمهاتهم وإن شذ من شذ من ضعاف الإيمان ممن لا يخافون الله، ولم يعرفوا عظم حق الوالدين، والكل منا شاهد تلك المناظر الجميلة التي يتضح فيها ذلك البر والاهتمام بكبار السن، مناظر تسر العين وتبهج القلب والتي معه يقول المرء: إن الدنيا لا تزال بخير طالما أن الأب والأم قد وجدا الراحة في حياتهما بعدما كبرا وأصبحا عاجزين عن خدمة نفسيهما من خلال قيام أبنائهما بواجبهم تجاههما، وإن كان هناك من الأبناء من عق والديه ولم يقم لهما وزناً، حتى إن البعض منهم عياذاً بالله لم ير من ابنه إلا شراً، فهذا يضرب والديه، والآخر هجرهما، وهناك من رمى بهما في مركز رعاية المسنين، نسأل الله العافية والسلامة، وأعظم من ذلك كله من تسول له نفسه قتلهما ويقدم على ذلك!! وهلم جرّ من الأفعال التي فعلها بعض العاقين وفيها نكران الجميل، ومصيبة عظيمة وخطب جلل عندما نسمع ونقرأ بين الفينة والأخرى قصص العقوق للوالدين التي يشيب منها الرأس المتنافية مع قول الباري عز وجل في سورة الرحمن: {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}.. هذا مع كل الناس فكيف مع الوالدين أصحاب الفضل الكبير على الإنسان فأمه حملت به وتعبت من أجله وسهرت عليه بعد ولادته، واهتمت بتربيته وحافظت عليه حتى أصبح شاباً يافعاً، والوالد رعاه وصرف عليه واهتم به، علمه كثيراً من الأمور التي تبصره في حياته، ورباه أحسن تربية وإن كان هناك من الآباء من لم يقم بذلك وهي حالات شاذة؟!
إن الاهتمام بكبار السن من الآباء والأمهات أمر مهم يجب على كل إنسان خاصة المسلم أن يراعيه ويضعه نصب عينيه وإلا سيكون عكسه وبال علينا في الدنيا والآخرة والجزاء من جنس العمل، وكم من قصة قرأناها أحزنتنا كثيراً أبطالها أناس لا يخافون ربهم، ممن نزعت الرحمة من قلوبهم، أولئك الذين تنكروا لوالديهم جملة وتفصيلاً، فكان العقاب والانتقام من الله لهم بالمرصاد بأنواع العقاب، وما ربك بظلام للعبيد، وكما تدين تدان والأيام دول وحبلى، فكل من جحد حق والديه وعقهما يأتيه الانتقام من أقرب الناس له، ومن حيث لا يحتسب من أبنائه الذين تعب من أجلهم، ولو كان باراً بوالديه لما عقه أبناؤه وهذا في الغالب، لأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً بالآخرين فكيف إذا كان هذا العمل الحسن في حق الوالدين أغلى ما في الوجود، اللذين قرن الله حقهما بحقه في قوله تعالى: { وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} الآية.. إنني أدعو كل مسلم يرجو الله والدار الآخرة، ويسأل الله الجنة أن يحافظ على طاعة والديه، ويقوم بحقهما حق القيام ليفوز برضا ربه ومن ثم رضاهما، ومن رضي عنه والداه فقد فاز فوزاً عظيماً، ونال الأجر الوفير من مولاه وخالقه، وعلا شأنه في الدنيا ويوم المعاد، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فهيا لنطبق جميعاً قول الباري جل وعلا في سورة الأسراء: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُف وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}.. فالله أسأل أن يحفظ لكل إنسان والديه، ويرزقه البر بهما، والإحسان إليهما، ومن كان والداه أحدهما أو كلاهما قد توفي أن يغفر لهما، ويجعل مآلهما جنات النعيم، إنه سميع قريب مجيب الدعوات. [/align]