قصة زواج شريح القاضي ( أبو أمية )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ، ونستعين به ونسترشده ، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيَّته ، وإرغاماً لمن جحد به وكفر ، وأشهد أن سيدنا محمد صلَّى الله عليه وسلَّم ، رسول الله سيد الخلق والبشر ، ما اتصلت عينٌ بنظرٍ أو سمعت أذنٍ بخبر ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذرِّيته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين .
أيها الإخوة الكرام شريحٌ القاضي لقيه صديقه الفضيل قال : يا شريح ، كيف حالك في بيتك ؟ قال : والله منذ عشرين عاماً لم أجد ما يعكِّر صفائي ، قال : وكيف ذلك يا شريح ؟ قال : خطبت امرأةً من أسرةً صالحة ، فلما كان يوم الزفاف وجدت صلاحاً وكمالاً ـ أي صلاحاً في دينها وكمالاً في خَلْقِهَا ـ فصليت ركعتين شكراً لله على نعمة الزوجة الصالحة ، فلما سلَّمت من صلاتي وجدت زوجتي تصلي بصلاتي ، وتسلم بسلامي ، وتشكر شكري ، فلما خلا البيت من الأهل والأحباب دنوت منها فقالت لي :
على رِسْلِكَ يا أبا أمية ، ثم قامت فخطبت ، قالت : أما بعد ، فيا أبا أمية ، إنني امرأةٌ غريبة لا أعرف ما تحب ، ولا ما تكره ، فقل لي ما تحب حتى آتيه ، وما تكره حتى أجتنبه ، ويا أبا أمية ، لقد كان لك من نساء قومك من هي كفء لك ، وكان لي من رجال قومي من هي كفء لي ، ولكن كنت لك زوجةً على كتاب الله وسنة رسوله ، فاتقِ الله فيَّ ، وامتثل قوله تعالى :
(( فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ))
( سورة البقرة : من آية " 229 " )
ثم قعدت .
قال : فألجأتني إلى أن أخطب ، وقفت ، وقلت : أما بعد ، فقد قلتِ كلاماً إن تصدقي فيه ، وتثبتي عليه يكن لك ذخراً وأجراً ، وإن تدعيه يكن حجةً عليك ، أحب كذا وكذا ، وأكره كذا وكذا ، وما وجدتِ من حسنةٍ فانشريها ، وما وجدتِ من سيئةٍ فاستريها ـ والمرأة المؤمنة سِتِّيرَة لا تفضح زوجها ـ فقالت : كيف نزور أهلي وأهلك ؟
قال : نزورهم غباً مع انقطاعٍ بين الحين والآخر ، لئلا يملونا ، قالت : فمن من الجيران تحب أن أسمح لهن بدخول بيتك ، ومن تكره ؟ قال : بنو فلان قومٌ صالحون ، وبنو فلان قومٌ غير ذلك .
قال : ومضى علي عامٌ عدت فيه إلى البيت فإذا أم زوجتي عندنا ، رَحَّبْتُت بها أجمل ترحيب ، وكانت قد علمت من ابنتها أنها في أهنأ حال .
قالت لي : يا أبا أمية ، كيف وجدت زوجتك ؟ قلت : والله هي خير زوجة ، قالت : ما أوتي الرجال شراً من المرأة المدللة ـ فوق الحدود ـ فأدِّب ما شئت أن تؤدِّب ، وهذِّب ما شئت أن تهذِّب ، ثم التفتت إلى ابنتها تأمرها بحسن السمع والطاعة .
ومضى علي عشرون عاماً لم أجد ما يعكِّر صفائي إلا ليلةً واحدة كنت فيها أنا الظالم .
ويا أيها الإخوة الكرام ... يجب أن نحرص على بيوتنا ، وعلى تماسك بيوتنا ، وعلى سعادتنا الزوجية ، لأنه إذا صلحت الأسرة صلح المجتمع ، هي اللبنة الأولى ، يجب أن تقيم أمر الله في بيتك ، يجب أن يمتلئ البيت عبادةً وصلاةً وتلاوةً .
والحمد لله رب العالمين