الذكر والحذف في القران الكريم - 4 :
لبيان البلاغة في ذكر بعض الألفاظ وحذفها أحيانا , نأتي بآيات متشابهة في المعنى مختلفة في موضوع الذكر والحذف فمن الأمثلة :
قوله تعالى في سورة إبراهيم : ( هَٰذَا بَلَاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) إبراهيم آية 52
وقوله تعالى في سورة الاحقاف : ( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ ۚ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ ۚ بَلَاغٌ ۚ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا
الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ) الاحقاف آية 35
فذكر لفظ هذا إضافة إلى ( بلاغ ) وزاد كلمة للناس في سورة إبراهيم , بينما لم يذكر في سورة الاحقاف إلا لفظ ( بلاغ ) .
وذلك – والله اعلم – لان السياق ( وهو عن مشاهد القيامة ) في سورة الاحقاف مختصراً فقط ( آيتين من قوله تعالى : وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَٰذَا بِالْحَقِّ ۖ قَالُوا بَلَىٰ وَرَبِّنَا ۚ قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ والاية التي بعدها ) وما قبلهما كان الكلام عن خبر قوم عاد ثم عن سماع الجن للقران وإيمانهم ودعوتهم لقومهم .
أما السياق في سورة إبراهيم فكان مفصلاً ( إحدى عشر آية ) ابتداءً من قوله تعالى ( وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ) إلى آخر السورة . وكلا السياقين يتحدث عن مشاهد يوم القيامة .
وذكر علل البلاغ في سورة إبراهيم ( وَلِيُنذَرُوا بِهِ ) ( وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ) ( وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) ولم يذكر مثل ذلك في الاحقاف .
لذلك كان مناسبا أن يشير إلى البلاغ باسم الإشارة ( هَٰذَا ) وان يبين المقصود به ( لِّلنَّاسِ ) في سورة إبراهيم وليس الأمر كذلك في سورة الاحقاف .
خاطرة :
قال بعض السلف: ( إذا أردت أن تعرف قدرك عند الله فانظر إلى قدر القرآن عندك ).